حفظ اللســــــــان و شهر رمضــــــــــان
يرغب كثير من المسلمين آلا يتكلموا إلا بخير، ولا ينطقوا بألسنتهم إلا كلمات ترضي ربهم، ويواجه المسلم صعوبة في تطبيق ذلك، ولكن في شهر رمضان تكون الأجواء مهيئة، والظروف مناسبة، ويستطيع المسلم أن يستثمر الحالة الإيمانية الجيدة في شهر رمضان حيث الشياطين قد سلسلت، والجنة قد زينت، والنار قد أغلقت، فيحاول المسلم أن يبتعد عن آفات اللسان، فيجتهد في حفظ لسانه عن هذه الآفات كالكذب والغيبة، والنميمة، وقول الزور، وشهادة الزور، والبهتان والفتوى بغيرعلم، واليمين الكاذبة وألفاظ القذف، والشتم واللعن.
وذلك بتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية حفظ اللسان في رمضان كما في الحديث القدسي: "كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلا الصيامَ، فإنَّه لي وأنا أُجْزي بهِ, والصيامُ جُنَّةٌ، وإذا كان يومُ صومِ أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ ، فإنْ سابَّه أحدٌ أو قاتَلَهُ فلْيقلْ : إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ"متفق عليه.
يحتاج المسلم لكي ينجح في حفظ لسانه وكبح شهوة الرد على السب والشتم إلى طول تدريب، وإلى مجاهدة نفسه، وتعويد فمه ألا ينطق إلا بخير، وهذا يحتاج لمجاهدة نفسه باستمرار لكي يضبط انفعالاته ويتمكن من قول: إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ، وهذا التغيير المنشود الذي يخرج به المسلم من شهر رمضان بأن يتخلق بالأخلاق الفاضلة ويتمكن من ضبط النفس عند الغضب، والانفعال.
وقد جاءت آيات الكتاب الحكيم تأمر بمراعاة ما يصدر من ألفاظ المسلم، وحثت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ اللسان عن جميع الكلام إلا كلاماً تظهرُ المصلحة فيه، ومتى استوى الكلامُ وتركُه في المصلحة، فالسنّة الإِمساك عنه، لأنه قد ينجرّ الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وهذا هو الغالب في العادة، وقد روى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَصْمُتْ"، فهذا الحديث المتفق على صحته نصّ صريح في أنه لا ينبغي أن نتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً، وهو الذي ظهرت فيه المصلحة، ومتى شكّ في ظهور المصلحة فلا يتكلم. وقد قال الإِمام الشافعي ـ رحمه اللّه ـ: "إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلَّم، وإن شكَّ لم يتكلم حتى تظهر"
.نسأل الله تعالى أن يعيننا على مجاهدة أنفسنا، والسير على طريق الاستقامة، وملازمة التقوى، وحفظ اللسان، بالتقليل من الكلام إلا في خير، وعلى ترك الغضب، آمين.