كفاءة اكتر و جهد اقل
فهد عامر الأحمدي - جريدة الرياض
ليس صحيحا أن أعظم المكاسب تتطلب قدرا أعظم من الجهد والعرق والتعب ..
بل على العكس تماما يبدو أن سنة الله في خلقه هي محاولة فعل العكس تماما ...
محاولة العمل بأقل جهد وطاقة مبذولة (مع) تحقيق أكبر قدر من الربح والمكاسب الممكنة ..
خذ كمثال أي موظف أو عامل تعرفه يعمل لديك في المكتب أو المنزل ..
ستلاحظ سعيه الدائم إلى إراحة نفسه وتخفيف الضغط الملقى على عاتقه وفي نفس الوقت تحقيق أكبر راتب أو دخل ممكن ..
وفي عالم الحيوان تحاول ذوات الأنياب اصطياد فرائسها بأقل جهد ممكن من خلال التربص وانتظار حضور الفريسة بنفسها
وحتى حين تقرر الانطلاق خلفها قد تتوقف فجأة مدركة أن بذل المزيد من الجهد
ساوى القيمة الغذائية للفريسة ..
أما في الفضاء الخارجي فمن الملاحظ أن الكواكب وكافة الأجرام تدور دائما في المسار الأكثر سهولة والأقل جهدا
بالنسبة لها (وهو المسار الذي تتعادل فيه جاذبية الشمس مع قوة الطرد للكوكب ذاته) ..
ونفس الظاهرة تلاحظ على مستوى الذرة والإلكترونيات حيث تدور الأخيرة حول النواة في المدار الأكثر راحة وتوفيرا للجهد والطاقة
(وترفض مغادرة مدارها المريح بغير طاقة خارجية أعظم)!
... وبما انك جزء من هذا الكون فمن حقك أيضا محاولة تحقيق أكبر مكسب ممكن بأقل جهد مبذول
(سواء في حياتك المهنية أو الأسرية أو الاجتماعية) ..
وسعيك لهذا الهدف لا يتطلب منك الخداع أو التحايل (فالذرات والكواكب لاتفهم هذين المصطلحين)
بل انجاز مهامك اليومية بأفضل وأسرع طريقة ممكنة ..
ففي دوامك اليومي مثلا تلاحظ أن
معظم زملائك يسعون لبذل أقل جهد ممكن من خلال مراكمة الملفات وتجاهل المهام وترك مكاتبهم لفترات طويلة ؛
في حين يمكنك فعل الشيء نفسه (ولكن)
من خلال التركيز على إنهاء مهامك اليومية بأفضل وأقصر وقت ممكنين ..
وكنت شخصيا قد اكتشفت أثناء عملي في التعليم وإمارة المدينة أن المهام المطلوبة خلال ثماني ساعات يمكن إنهاؤها خلال ساعتين أو ثلاث
(بشرط إغلاق الباب واعتزال الزملاء وقفل الجوال وتجاهل الصحف اليومية) ..
وبهذه الطريقة ستوفر وقتا طويلا وجهدا متراكما دون أن تخدع أحدا أو تعاني من التوتر والتوبيخ الناجم عن تجاهل مهامك الفعلية !
... ورغم أن المقصود من هذا المقال لفت انتباهك إلى هذه الحقيقة
(وليس تقديم نصائح أو إرشادات عملية)
إلا أن هناك قاعدة عامة سبق وتحدثت عنها قد تفيدك عند محاولة الجمع بين هذين الهدفين ..
وهي قاعدة تدعى (80/ 20) ومفادها أن 80%
من النتائج والمكاسب التي نحققها في حياتنا تعود إلى 20% من الجهد والوقت الذي نبذله خلالها ؛
فرجل الأعمال (مثلا) يلاحظ أن 80% من أرباحه تأتي من 20% من حجم أعماله في حين تعاني البقية من التعثر أو ضعف الأرباح ..
وعلى نطاق الدول يلاحظ أن 80% من الدخل القومي يأتي من مصدر واحد (كالنفط) لا يشكل سوى 20% من حجم الأعمال فيها ..
وحتى على مستوى المجتمع تلاحظ أن 80% من النتائج (الحسن منها والسيئ) يقف وراءه 20% من الأفراد فقط ...
وحين تدرك هذه الحقيقة سترتفع لديك نسبة التنبه للعادات والتصرفات والمهارات التي ترفع من كفاءتك وفعاليتك في كل مجال
(وتحقق 80% من مكاسبك ونتائجك اليومية)
وفي المقابل حاول التخلص من العادات والتصرفات والأعمال التي تتطلب جهدا عظيما وطاقة عصبية ونفسية كبيرة
مقابل نتائج ضعيفة أو مكاسب تافهة !!!
... باختصار كن مثل الفهد الذي يعرف من أول نظرة هل الطريدة التي أمامه تستحق بذل الجهد خلفها ..
وإن كان الجواب
(لا)
يجب أن تفكر في أسرها بأقل طاقة ووقت ممكن !!